كان هناك شابا يبيع البز (القماش ) ويضعه على ظهره ويطوف بالبيوت ويسمونه
(فرقنا) وكان مستقيم الأعضاء جميل الهيئة من راه أحبه لما حباه الله من
جمال ووسامة زائدة على الآخرين . وفي يوم من الأيام وهو يمر بالشوارع
والأزقة والبيوت رافعا صوته "فرقنا" إذ أبصرته إمرأة فنادته ، فجاء إليها
، وأمرته بالدخول إلى داخل البيت ، وأعجبت به وأحبته حبا شديدا ، وقالت له
. إنني لم أدعوك لأشتري منك . . وإنما دعوتك من أجل محبتي لك ولا يوجد في
الدارأحد ودعته إلى نفسها فذكرها بالله وخوفها من أليم عقابه . . ولكن دون
جدوى . . فما يزيدها ذلك إلا إصرارا . . وأحب شيء إلى الإنسان ما منعا . .
فلما رأته ممتنعا من الحرام قالت له : إذا لم تفعل ما أمرك به صحت في
الناس وقلت لهم دخل داري ويريد أن ينال من عفتي وسوف يصدقون الناس كلامي
لأنك داخل بيتي . . فلما رأى إصرارها على الإثم والعدوان . قال لها : هل
تسمحين لي بالدخول إلى الحمام من أجل النظافة ففرحت بما قال فرحا شديدا .
. وظنت أنه قد وافق على المطلوب . . فقالت : وكيف لا ياحبيبي وقرة عيني .
إن هذا لشيء عظيم . . . ودخل الحمام وجسده يرتعش من الخوف والوقوع في وحل
المعصية. . فالنساء حبائل الشيطان وما خلى رجل بامرأة إلا وكان الشيطان
ثالثهما . . يا إلهي ماذا أعمل دلني يا دليل الحائرين . وفجاءة جاءت في
ذهنه فكرة. فقال : إنني أعلم جيدا : إن من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا
ظل إلا ظله رجل دعته إمرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله وأعلم :
إن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . . ورب شهوة تورث ندما إلى آخر
العمر. . وماذا سأجني من هذه المعصية غيرأن الله سيرفع من قلبي نور
الإيمان ولذته . . لن أفعل الحرام . . ولكن ماذا سأفعل هل أرمي نفسي من
النافذة لا أستطيع ذلك . . فإنها مغلقة جدا ويصعب فتحها . . إذا سألطخ
جسدي بهذه ا لقاذورات والأوساخ فلعلها إذا رأتني على هذه الحال تركتني
وشأني . . وفعلا صمم على ذلك الفعل الذي تتقزز منه النفوس . . مع أنه يخرج
من النفوس ! ثم بكى وقال : رباه إلهي وسيدي خوفك جعلني أعمل هذا العمل . .
فأخلف علي خير. . وخرج من الحـمام فلما رأته صاحت به : أخرج يا مجنون ؟
فخرج خائفا يترقب من الناس وكلامهم وماذا سيقولون عنه . . وأخذ متاعه
والناس يضحكون عليه في الشوارع حتى وصل إلى بيته وهناك تنفس الصعداء وخلع
ثيابه ودخل الحمام واغتسل غسلا حسنا ثم ماذا . . هل يترك الله عبده ووليه
هكذا . . لا أيها الأحباب. . فعندما خرج من الحمام عوضه الله شيئا عظيما
بقي في جسده حتى فارق الحياة وما بعد الحياة . . لقد أعطاه الله سبحانه
رائحة عطرية زكية فواحة كعطر المسك تخرج من جسده . . يشمها الناس على بعد
عدة مترات وأصبح ذلك لقبا له . . "المسكي " فقد كان المسك يخرج من جسده .
. وعوضه الله بدلا من تلك الرائحة الي ذهبت في لحظات رائحة بقيت مدى الوقت
. . وعندما مات ووضعوه في قبره . . كتبوا على قبره هذا قبر"المسكي " وقد
رأيته . . في الشام . وهكذا أيها الإنسان المسلم . . الله سبحانه لا يترك
عبده الصالح هكذا . . بل يدافع عنه . . إن الله يدافع عن الذين آمنوا . .
الله سبحانه يقول : (ولئن سألني لأعطينه . . فاين السائلين ) . أيها العبد
المسلم : من كل شيء إذاضيـعتـه عوض ومـامن الله إن ضيـعتـه عوض الله
سبحانه . . يعطي على القليل الكثير. .أين الذين يتركون المعاصي ويقبلون
على الله حتى يعوضهم خيرا مما أخذ منهم . ألا يستجيبون لنداء الله ونداء
رسوله ونداء الفطرة